تاريخ المقاومة في البليدة ابان الإحتلال الفرنسي 1830
نوفمبر 1830 .... أول احتلال للبليدة .... معركة ثنية موزاية بقلب الأطلس البليدي ....مقاومة الباي بومزراڨ .... إحتلال المدية .... ثم هزيمة الفرنسيين الثانية داخل أسوار البليدة ..... التاريخ المنسي
اللوحة حقيقية ... بريشة الرسام الفرنسي الشهير هيبوليت بيلانجي ( Hippolyte Bellangé ) لمعركة ثنية موزاية، في جوان 1840 التي كتب فيها اجدادنا التاريخ باحرف من ذهب، نرى في الصورة قمة تازروت ( تعني الصخرة بالأمازيغية ) الشامخة في أعالي عين الرمانة، منطقة تروي تاريخا حافلا حاولوا طمسه للأسف ......
بعد هزيمة الفرنسيين الأولى تحت أسوار البليدة يوم 23 جويلية 1830 ، قرّر الجنرال كلوزيل ( الذي عين مكان بورمون ) احتلال البليدة و المديّة للقضاء على المقاومة وعزل المناطق الجبلية ..... احتلّ الجيش الفرنسي البليدة يوم 17 نوفمبر 1830 م دون مقاومة بعد انسحاب المجاهدين ، ترك السفاح كلوزيل حامية عسكرية لحراسة البليدة وتوجه نحو المدية ، إنسحاب المجاهدين بقيادة بن زعموم كان استراتيجيا ، لتشتيت الجيش الفرنسي و مهاجمته حين يكون منشغلا باحتلال المدية
قديما و منذ عهد الرومان ، كان الطريق الكبير من العاصمة الى المدية ومنها الى جنوب البلاد يمر حتما عبر موزاية ، ثنية موزاية بأعالي عين الرمانة ليصل إلى تامزڨيدة ( طريق السلطان ) ، قبل انشاء طريق شفة الحالي اواخر القرن 19م ، ثنية موزاية للتي سميت نسبة لعرش موزاية التاريخي ، تمتد اليوم من منطقة سيدي براهيم أسفل قمة تازروت ، إلى الحدود الإدارية بين البليدة والمدية ، بين جبلي ڨرن الكاف غربا وتامزڨيدة شرقا ، الممر ضيق جدا في أعلاه إلى يومنا هذا ...... إذن ثنية موزاية كانت استراتيجية جدا ، و وقعت فيها 3 معارك فاصلة في تاريخ الجزائر :
- نوفمبر 1830
- مارس وأفريل 1936
- ماي و جوان 1840
يوم 21 نوفمبر 1830 وصل كلوزيل إلى ثنيّة موزايا ( أعالي عين الرمانة حاليا ) أين كان ينتظره المجاهدون بقيادة مصطفى بومزراق ( أمزراق تعني الرّمح بالأمازيغية ) باي تيطري ، بومزراق الذي كان يشغل منصب الباي منذ 1819 ، دخل في حرب معلنة مع أحمد باي ، باي قسنطينة ، لأن هذا الأخير رفض توحيد الصف ، و قتل مرسول بومزراق الذي جاءه بهدايا و بطلب من بومزراق لتوحيد الجهود لإخراج المستعمر الفرنسي ..... حرب على الزعامة أضعفت الجبهة الداخلية و سهلت مهمة الجيش الفرنسي و الخونة الذين أعلنوا الولاء له
تجهز بومزراق لقتال الفرنسيين في جيش قوامه 4000 جنديّ كان يملك مدفعين فقط ، تموقع الجيش قرب ثنية موزايا ( أعالي عين الرمانة اليوم ، فوق منطقة سيدي براهيم ) بينما كان مقاتلوا الأعراش الجبايلية ( موزاية ، سوماتة ، بني مناصر وبني صالح ) منتشرين فوق التلال وفي الشعاب ، كانت المعركة شديدة جدا و انتهت بانهزام بومزراق و انسحاب جيشه ، خسر الفرنسيون في المعركة 3 ضبّاط و 24 جنديّا ، و ترك كلوزيل حامية لحراسة ثنية موزاية بقيادة الجنرال لويس مونك دوزير ( Monck d'Uzer )
واصل الفرنسيون تقدّمهم جنوبا نحو زبّوج عزارا ( تعني أشجار الزيتون البري للعزاب بالأمازيغية ، بلدية تامزڨيدة حاليا ) أين واجهوا بعض الهجومات المنعزلة ، و دخلوا المدية التي استسلم أهلها يوم 22 نوفمبر ، عيّن كلوزيل مصطفى إبن الحاج عمر حاكما لتيطري مكان بومزراق ، بومزراق الذي أصبح وحيدا و محاصرا من طرف الجيش الفرنسي من جهة ، و القبائل المبايعة لأحمد باي من جهة أخرى ، اضطر إلى الإستسلام للجيش الفرنسي ، بعد فترة قصيرة قضاها في السجن ، قرر الذهاب إلى تركيا رفقة عائلته ، إلا ابنه الذي واصل المقاومة ، قبل أن يستسلم هو كذلك .... جهاد بقي خالدا في مذكرتنا الشعبية ، مثل الشعر الذي وثقه الفرنسيون في القرن 19 بمنطقة القبائل ، الذي كانوا يقولون بلهجتهم الأمازيغية :
لاغا بومزراڨ لفحل ......... الآغا بومزراڨ الفحل
أور يسعي لبخل ......... ليس عنده الكسل ( لا يعرف الكسل )
أور يلّي حد نّيڨس ........... لا يوجد أحد فوقه ( أفضل منه )
فكانت إلجاهل ......... سلّموه للوثني الكافر ( يعني خانوه )
يدّا ذامرهون غورس ...... الذي اتخذه رهينة عنده
وهذا يؤكد العلاقة الثقافية التاريخية القوية .... منذ القدم ، بين منطقة القبائل و تيطري و الأطلس البليدي و متيجة
لكنّ المجاهدين بقيادة الحسين بن زعموم ، إبن الحاج محمّد بن زعموم ، قائد عرش إفليسن غرب منطقة القبائل ، الذي وحد مقاومة كل أعراش متيجة و جبالها و منطقة القبائل و الظهرة ، قاموا بهجوم معاكس على البليدة يوم 26 نوفمبر 1830 م ، و طردوا الحامية الفرنسية التي بها ، مما أجبر كلوزال على سحب كل جيوشه نحو الجزائر العاصمة يوم 27 نوفمبر ، هجوم رافقه هجوم آخر على المدية ، ليكتب أجدادنا صفحة جديدة من صفحات بطولاتهم الخالدة !!
معارك لا يزال يذكرها شيوخ عرش موزاية الأبيّ ، التي حكى لهم عنها أجدادهم ، و حكوها هم بدورهم لأحفادهم .... و لا يزال أبناء سيدي عمور و اولاد الحاج و اولاد الهجالة و تيوسارين و السواينية و القسايمية و لشواف و سيدي براهيم و تالا ولما و الريحان يتناقلون بطولات أجدادهم إلى اليوم .... ولازالت أسماء المناطق تصدح ببطولات الأجداد : تالا أوحانو ( عين الكوخ ) التي يقال أن الأمير عبد القادر شرب منها ، تازروت التي كانت مركز مراقبة لجيوش الأمير ، واد الحد الذي بنى فيه الأمير برجه و المسمى حاليا برج الأمير عبد القادر .....
فرنسا التي لم تحتل البليدة و جبالها إلا بعد 12 سنة ...... 12 سنة من الجهاد و البطولات ، كتب اجدادنا فيها التاريخ دفاعاً عن الارض و العرض، فرنسا بجيوشها و أعتى جنرالاتها : بورمون ، كلوزيل ، دامريمون ، فالي، برتيزان
( Bourmont, Clauzel, Damrémont, Valé , Berthezene )
لم تستطع قمع مقاومة الجبايلية .... أمازيغ الأطلس البليدي و متيجة الذين كانت تسميهم المراجع الفرنسية آنذاك : القبايل ( kabailes/kabyles ) ككل سكان جبال الجزائر .... الذين كانت أسلحتهم بدائية ، لكن قلوبهم مليئة بالإيمان و حب الارض ، التي سقوها بدمائهم كي نعيش نحن ، تاريخ مشرق يجب ان يدرس و يحفظ ..... كي لا ننسى ..... تاريخ حاول البعض طمسه .... نحاول نفض الغبار عليه ... وفاء لأرض تربينا على حبها منذ الصغر ، تاريخ من حقنا أن نفخر به ، و أن نروج له و نعرف به .... كي لا ننسى !!
|
Post a Comment